الخميس، 19 يونيو 2008

رسالة


كنت اجلس لاحتسي القهوة في مكاني المفضل في هذا المقهي الذي يطل علي البحر في الطابق الثاني وذلك الكرسي بجوار النافذة الذي لطالما جلست فيه اطالع البحر واطالع افكاري .
كنت اقرأ الجريدة التي كنت لا اجد فيها اخبارا تسر فصرت اتصفحها كالاطفال لمشاهدة الصور .حين انتهيت من مطالعة الجريدة نظرت الي النافذة حينها وجدت المطر يهطل بغزارة والبحر قد انقلبت حالته رأسا علي عقب موجة ترتطم في الصخور وموجة اخري تفيض وتخرج لتصدم الرصيف والناس تجري في كل مكان هربا من المطر منهم من وضع سترته علي رأسه واخذ يجري ليختبئ في اقرب ومنهم من وضع الجريدة اعتقادا منه انها ستحميه وازدحم الطريق فجأة وعمت الفوضي بالخارج .كنت انظر لكل هذا واتعجب!!! كل هذا يحدث فور وقوع بعض قطرات من الماء انها فقط مياه ، ولكني لا اتعجب من حال الناس حين يجرون ويسرعون للاختباء في اي مكان
فكم هو سئ ان تبدا يومك مبتل الثياب.
ولكن وسط كل هذا الزحاموالفوضى وجدت فتاة هادئة تقف بثبات امام البحر ولا يبدو عليها اايات القلق والفوضي التي كانت تعم المنظر ولكنها كانت تقف تطالع البحر بنظرة حانية ، كانت ترتدي ثيابا خفيفة وترتعش من البرد وشعرها يتطاير في كا مكان من قوة الرياح ترتطم بوجهها قطرات المياه تارة موج البحر الهائج وتارة قطرات المطر الغزير الذي تكاد لا تشعر به وبأي شيء حولها، كانت رقيقة كالريشة في مهب الريح .ولكني وجدت في يديها ورقة بدت لي من بعيد انها رسالة ولمحت ايضا زهرة بنفسجية جافة تضعها مع الرسالة اثارت فضولي كثيرا وصرت اتساءل من تلك الفتاة ؟وماذا الم بها حتي تصي بهذه الحالة المزرية ؟
واذا بي ناديت النادل وطلبت الفاتورة واخذت معطفي الطويل وشمسيتي السوداء واذا بي اذهب اليها ويسبقني فضولي اليها اتجهت الي البحر وكنت اصطدم بالناس وهي تجري وتفر الي كل مكان واي مكان واذا بي اقترب منها، كم اريد ان اري وجهها ولكن شعرها البني كان يطير علي وجنتيها ولا اري منه شيئا واذا بشعرها ينزاح عن وجه لم اري مثله من قبل فهو وجه كوجه القمر كم هو رقيق وناعم ترتسم عليه ملامح الحيرة والحزن الشديد والخوف مما زاد فضولي اكثر واكثر واذا بي اقترب منها اكثر دون ان تشعر بوجودي وجدتها تحمل ظرف قد وضع فيه ورقة وتلك الزهرة الجافة واذا بها تضم الرسالة الي صدرها في حنان وحزن والقت الخطاب في البحر ورحلت بخطوات بطيئة وعينين تائهتين واذا بالرياح تأرجح الرسالة في الهواء وانا اجلس اشاهد تلك الرسالة وهي تطير ولا اعلم اين سوف تسكن ثم نظرت اليها نظرة اخيرة وهي ترحل باكية غير مكترثة بالمطر او البرد .
ثم رن هاتفي النقال فجاة ففتحت حقيبتي واخذت الهاتف انها اختي تطمئن عليً حدثتها قليل من الوقت وحدث ما لم اكن اتخيله ،وجدت ورقة مبتلة تلتصق بيدي وانا اتحدث في الهاتف فنظرت لها ولم اهتم وتابعت الحديث ثم نظرت لها مرة اخري واذا بعيني تخرج من مكانها من المفاجاة انها هي .. هي تلك الرسالة التي القتها الفتاة في البحر ولكنها طارت في الهواء ولكن كانت مرساها عندي، كان الفضول يقتلني حتي اعلم ما بداخلها وايضا ضميري يقتلني هو الاخر فليس من حقي ان افتح هذه الرسالة وصرت في حيرة هل افتحه ؟ وكان هذا تصرف سئ ان اطلع علي خصوصيات اشخاص اخرين ولكن هذه الفتاة اثارت فضولي منذ اول لحظة رأيتها فيها وكم اريد ان اعرف ما بها وضلت الحيرة في داخلي بين فضولي وضميري ولكن في النهاية يبدو انني شخص سئ حيث انتصر فضولي بالنهاية واخذت الرسالة وقلت لحالي لعل القدر ساقها اليَ لسبب لا يعلمه الا الله .
فتحت الظرف وجدت تلك الزهرة الجافة التي حين رايتها شعرت انها تحمل الكثير والكثير ولكني تركتها بداخل الظرف وفتحت الورقة انه خطاب وبدات اقراه:


بحار عمري

اعلم ان كل كلمة من هذه الرسالة سوف تصل اليك ولن يضيع منها حرف واعلم انك لن تضيع بداخلي فانت بقلبي لطالما حييت ، كم انتظرت لحظة لقاءك حتي انظر في عينيك واقول لهما ما اخفيته بداخلي ولكن ضاعت اللحظة بعد ان كدت املك النجوم ولكني وقعت في الظلام فانت لم تعد لي وقالوا انك لن تعود ابدا ولكني لم افهم حينها .. هل انتهي مل شئ؟ ألن انظر الي عينيك مجددا؟ الن اقول لك ما حبسته بداخلي سنين؟ ألن اري تلك العينين التي لطالما لاحقتني ؟أ ضاع كل شيء ؟ .. نعم ضعت انت مني ولكن لن يضيع ما بداخلي لك فانا اكتب لك هذه الرسالة لاقول لك ما كنت ساقوله لك حين تعود واعلم انك ستراه وستقراه وسيكمون هذا البحر هو صندوق البريد الذي يوصل كلماتي اليك حيث تكون انت ، فانا لن انساك ما حييت ، لن انسي اخر لقاء لنا قبل رحيلك حين قلت لي وانت تبتسم تلك الابتسامة التي لطالما احببتها "اراكي قريبا " وتركتني وعينيك تلحقني حتي ذهبت . تلك الزهرة ..أتتذكرها ؟! هي اول زهرة اهديتها لي في اول لقاء لنا حين نظرت لي وقلت : " كم انتي جميلة وليس بوسعي الا ان اهديكي هذه الوردة البسيطة لعلها تقول لكي شيئا"
اتعلم؟ ما زالت تقول كل شيء وما زالت هي الشيء الوحيد منك ولكني الان اعطيها لك لاني حمَلتها بالكلمات حتي تقول لك ايضا .
لن انساك حقا سيبقي كل شيء كما هو احلامنا ومستقبلنا لن يتغير شيء اعدك ان تستلم مني رسالة كل يوم ... فانتظرني ولا تمل

الي اللقاء وليس وداعا

وانتهت الرسالة وانا امسح دموعي التي لم اشعر بها والتي لم اعتد ان اراها كثيراولكن كم تتعذب هذه الفتاة ، هل يا تري ستبقي هكذا ام ان الزمان كفيل بكل هذا الحزن واذا بتساؤلات تقفزداخلي ولا اجد لها اجابة ، فهل يستطيع الحب ان يبقي؟ هل يستطيع ام يتنصر علي الموت ؟ ولكن وجدت نفسي اضع الورقة في الظرف وامسك بالزهرة واقول لها انا ايضا شاهد علي كل ما ستقولينه ووضعتها في الظرف ايضا وكان لابد ان اوصلها لهذا البحار حتي يقرا تلك الكلمات او حتي يشعر بها أينما كان ،وامسكت بالخطاب واطحت به بعيدا في البحر فاذا به يسقط فورا في ماء البحر الازرق الذي كان قد هدأ بعد تلك الفوضي اثناء المطر وتمنيت بداخلي حقا ان تصل هذه الرسالة الي البحار وحتي لو لم تصل تلك الرسالة سوف يصل شوقها وما بداخلها له حتما .
ورحلت وانا شاردة الذهن افكر ولا ياتي علي بالي الا كلماة واحدة وهي .. ( الفراق) واتساءل لماذا انا؟ لماذا انا من ارست الرسالة شراعها عنده وارادت ان ارااها واقرا ما فيهاا ورحلت وهذا السؤال يجوب في فكري ولا يجد اجابة .........

هناك تعليقان (2):

Omnia يقول...

بجد با مها جميلة اوى..كل حاجة فيها رقيقة وواصلة للقلب..وأنتى زيي بنؤمن أن البحر لازم يوصل الرسايل ..

بقالى كتير مبعتش رسايل لحد..يمنك عشان مبقاش في حد..
والأكيد الرسالة وصلت للى بيقراها عشان يتعلم ان الفراق لازم يتعمل حسابه ونحاول بكل الى نقدر عليه اننا نبعد عنه

maha يقول...

طبعا شكرا جدا علي التعليق الرائع ده انتي عارفة اد ايه انا بهتم برأيك عشان انتي من اول الناس الي شجعتني علي اني اكتب
اكيد انا اؤمن ان البحر بيوصل رسايل بل وبيحس بينا كمان سواء في الحزن او الفرح
الفراق اكيد حاجة مش سهلة بس لازم نعرف ان مفيش حاجة مستحيلة